فصل: تفسير الآيات (71- 72):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: محاسن التأويل



.تفسير الآية رقم (69):

القول في تأويل قوله تعالى: {وَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ قَالَ إِنِّي أَنَاْ أَخُوكَ فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} [69].
{وَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ قَالَ إِنِّي أَنَاْ أَخُوكَ فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} يخبر سبحانه بأن إخوة يوسف لما قدموا عليه، ضم إليه أخاه بنيامين، إما على الطعام، أو في المنزل، وأعلمه بأنه أخوه، وقال له: لا تبتئس. أي: لا تحزن بما كانوا يعملون بنا فيما مضى، فإن الله تعالى قد أحسن إلينا، وجمعنا بخير.
وقد روي أنهم لما قدموا عليه، ووقفوا بين يديه، رأى أخاه بنيامين معهم، فأمر بإنزالهم في بيته، وحلولهم في كرامته وضيافته، وحضورهم معه في غدائه. ثم دخل عليهم فقاموا وسجدوا له، وسألهم عن سلامة أبيهم، ورفع طرفه إلى أخيه، فأدناه وآواه إليه، وآنسه بحديثه- كما ذكر في الآية- ثم أراد يوسف أن يحتال على بقاء أخيه عنده، فتواطأ مع فتيانه، إذا جهز إخوته، أن يضعوا سقايته في رحل أخيه، كما بينه تعالى بقوله:

.تفسير الآية رقم (70):

القول في تأويل قوله تعالى: {فَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ} [70].
{فَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمْ} أي: من الطعام: {جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ} وهي جام فضة يشرب به يوسف، وضعه في ميرة أخيه.
وقد روي أن يوسف لما جهزهم وارتحلوا، أمهلهم حتى انطلقوا وبعدوا قليلاً عن المدينة، ثم أمر أن يسعى في إثرهم، ويؤذنوا بما فقد، كما أشار إليه تعالى بقوله:
{ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ}.

.تفسير الآيات (71- 72):

القول في تأويل قوله تعالى: {قَالُواْ وَأَقْبَلُواْ عَلَيْهِم مَّاذَا تَفْقِدُونَ قَالُواْ نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَن جَاء بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَاْ بِهِ زَعِيمٌ} [71- 72].
{قَالُواْ وَأَقْبَلُواْ عَلَيْهِم مَّاذَا تَفْقِدُونَ قَالُواْ نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَن جَاء بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَاْ بِهِ زَعِيمٌ} معنى أذن نادى. يقال: آذنه: أعلمه، وأذن أكثر الإعلام، ومنه المؤذن لكثرة ذلك منه.
و{العير}: الإبل التي عليها الأحمال، لأنها تعير، أي: تذهب وتجيء، وهو اسم جمع للإبل، لا واحد له، فأطلق على أصحابها. وقيل: هي قافلة الحمير، ثم كثر حتى قيل لكل قافلة عير. والصواع هو السقاية المتقدمة، إناء فضة.
تنبيه:
قال في الإكليل: في الآية دليل على جواز الحيلة في التوصل إلى المباح، وما فيه الغبطة والصلاح، واستخراج الحقوق.
قال ابن العربي: وفي إطلاق السرقة عليهم وليسوا بسارقين جواز دفع الضرر بضرر أقل منه.
وقوله تعالى: {وَلِمَن جَاء بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ} أصل في الجعالة.
وقوله: {وَأَنَاْ بِهِ زَعِيمٌ} أصل في الضمان والكفالة. انتهى.
ولما اتهمهم المؤذن ومن معه من الفتيان:

.تفسير الآية رقم (73):

القول في تأويل قوله تعالى: {قَالُواْ تَاللّهِ لَقَدْ عَلِمْتُم مَّا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ} [73].
{قَالُواْ تَاللّهِ لَقَدْ عَلِمْتُم مَّا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ} أي: ما جئنا للسرقة، أو لمطلق فساد، وإنما جئنا للميرة، وما كنا نوصف بالسرقة. وإنما استشهدوا بعلمهم على براءتهم، لما تيقنوه من حالهم، في كرّتي مجيئهم.

.تفسير الآيات (74- 75):

القول في تأويل قوله تعالى: {قَالُواْ فَمَا جَزَاؤهُ إِن كُنتُمْ كَاذِبِينَ قَالُواْ جَزَاؤهُ مَن وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ} [74- 75].
{قَالُواْ فَمَا جَزَاؤهُ} أي: السارق: {إِن كُنتُمْ كَاذِبِينَ}.
{قَالُواْ} أي: لثقتهم ببراءتهم: {جَزَاؤهُ مَن وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ} أي: جزاء سرقته، أخذ من وجد في رحله رقيقاً، وهو قولهم: {فَهُوَ جَزَاؤُهُ} تقريراً لذلك الحكم وإلزامه، أي: فأخذه جزاؤه لا غيره. ويجوز أن يكون: {جَزَاؤُهُ} مبتدأ والجملة الشرطية كما هي خبره، على إقامة الظاهر مقام المضمر، والأصل جزاؤه من وجد في رحله فهو هو.
{كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ} أي: بالسرقة، تأكيد إثر تأكيد، وبيان لقبح السرقة.

.تفسير الآية رقم (76):

القول في تأويل قوله تعالى: {فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاء أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِن وِعَاء أَخِيهِ كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلاَّ أَن يَشَاءَ اللّهُ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مِّن نَّشَاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} [76].
{فَبَدَأَ} أي: فتي يوسف: {بِأَوْعِيَتِهِمْ} أي: ففتشها: {قَبْلَ وِعَاء أَخِيهِ} أي: بنيامين، نفياً للتهمة: {ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا} أي: السقاية: {مِن وِعَاء أَخِيهِ كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ} أي: دبرنا لتحصيل غرضه: {مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ} أي: شرعه وقانونه. والجملة استئناف وتعليل لذلك الكيد وصنعه. أي: ما صح له أن يأخذ أخاه في قضاء الملك، فدبر تعالى ما حكم به إخوة يوسف على السارق، لإيصال يوسف إلى أربه، رحمة منه وفضلاً. وفيه إعلام بأن يوسف ما كان يتجاوز قانون الملك، وإلا لاستبد بما شاء، وهذا من وفور فطنته وكمال حكمته. ويستدل به على جواز تسمية قوانين ملل الكفر ديناً لها والآيات في ذلك كثيرة.
وقوله تعالى: {إِلاَّ أَن يَشَاءَ اللّهُ} يعني: أن ذلك الأمر كان بمشيئة الله وتدبيره؛ لأن ذلك كله كان إلهاماً من الله ليوسف وإخوته، حتى جرى الأمر وفق المراد.
{نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مِّن نَّشَاءُ} أي: بالعلم، كما رفعنا يوسف. وفي إيثار صيغة الاستقبال إشعار بأن ذلك سنة إلهية مستمرة، غير مختصة بهذه المادة.
{وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ} أي: من أولئك المرفوعين: {عَلِيمٌ} أي: فوقه أرفع درجة منه.

.تفسير الآية رقم (77):

القول في تأويل قوله تعالى: {قَالُواْ إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ قَالَ أَنتُمْ شَرٌّ مَّكَاناً وَاللّهُ أَعْلَمْ بِمَا تَصِفُونَ} [77].
{قَالُواْ إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ} هذا تنصل منهم إلى العزيز بالتشبيه به أي: إن هذا فعل كما فعل أخ له من قبل، يعنون به يوسف.
{فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ قَالَ أَنتُمْ شَرٌّ مَّكَاناً} أي: منزلة، حيث سرقتم أخاكم من أبيكم، ثم طفقتم تفترون على البريء.
{وَاللّهُ أَعْلَمْ بِمَا تَصِفُونَ} أي: من أمر يوسف.

.تفسير الآية رقم (78):

القول في تأويل قوله تعالى: {قَالُواْ يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَباً شَيْخاً كَبِيراً فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [78].
{قَالُواْ يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَباً شَيْخاً كَبِيراً فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} لما تعين أخذ بنيامين وإبقاؤه عند يوسف بمقتضى فتواهم، طفقوا يعطفونه عليهم، بأن له أباً شيخاً كبيراً يحبه حباً شديداً يتسلى به عن أخيه المفقود، فخذ أحدنا بدله رقيقاً عندك.
قال بعضهم: الفقه من هذه الجملة أن للكبير حقاً يتوسل به، كما توسلوا بكبر يعقوب. وقد ورد في الاستسقاء إخراج الشيوخ. انتهى.
وفي ما عزموا عليه لإنقاذ أخيهم من شرك العبودية، المقضي عليه بها، ما يشفّ عن حسن طوية، ووفاء بالوعد، ويعرب عن أمانة، وصدق بر، وشدة تمسك بموثق أبيهم، محافظة على رضاه وإكرامه، وهكذا فليتمسك البار بمراضاة أبويه.
وقولهم: {إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} أي: إلينا، فأتمم إحسانك بهذه التتمة. أو من المتعودين بالإحسان، فليكن هذا منه.

.تفسير الآية رقم (79):

القول في تأويل قوله تعالى: {قَالَ مَعَاذَ اللّهِ أَن نَّأْخُذَ إِلاَّ مَن وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِندَهُ إِنَّآ إِذاً لَّظَالِمُونَ} [79].
{قَالَ مَعَاذَ اللّهِ أَن نَّأْخُذَ إِلاَّ مَن وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِندَهُ إِنَّآ إِذاً لَّظَالِمُونَ} أي: إن أخذنا بريئاً بمتهم؛ لأنه لا يؤخذ أحد بجرم غيره. قال بعضهم: إلا ما ورد في العقل.
وقوله تعالى:

.تفسير الآية رقم (80):

القول في تأويل قوله تعالى: {فَلَمَّا اسْتَيْأَسُواْ مِنْهُ خَلَصُواْ نَجِيّاً قَالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُواْ أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُم مَّوْثِقاً مِّنَ اللّهِ وَمِن قَبْلُ مَا فَرَّطتُمْ فِي يُوسُفَ فَلَنْ أَبْرَحَ الأَرْضَ حَتَّىَ يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ} [80].
{فَلَمَّا اسْتَيْأَسُواْ مِنْهُ خَلَصُواْ نَجِيّاً} أي: يئسوا من يوسف وإجابته لهم أشد يأس، كما دل عليه السين والتاء فإنهما يزادان في المبالغة.
قال أبو السعود: وإنما حصلت لهم هذه المرتبة من اليأس، لما شاهدوه من عوذه بالله لما طلبوه، الدال على كون ذلك عنده في أقصى مراتب الكراهة، وأنه مما يجب أن يحترز عنه، ويعاذ بالله عز وجل، ومن تسميته ظلماً بقوله: {إِنَّآ إِذاً لَّظَالِمُونَ}، و{خلصوا} بمعنى اعتزلوا وانفردوا عن الناس، خالصين، لا يخالطهم سواهم، و{نجياً} حال من فاعل {خلصوا} أي: اعتزلوا في هذه الحالة مناجين. وإنما أفردت الحال وصاحبها جمع، إما لأن النجي فعيل بمعنى مفاعل كالعشير والخليط، بمعنى المعاشر والمخالط، كقوله: {وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيّاً} [مريم: من الآية 52]، أي: مناجياً، وهذا في الاستعمال يفرد مطلقاً. يقال: هم خليطك وعشيرك أي: مخالطوك ومعاشروك. وإما لأنه صفة على فعيل بمنزلة صديق، وبابه. فوحد لأنه بزنة المصادر، كالصهيل والوحيد والذميل. وإما لأنه مصدر بمعنى التناجي، أطلق على المتناجين مبالغة، أو لتأويله بالمشتق والمصدر، ولو بحسب الأصل، يشمل القليل والكثير، وتنزيل المصدر منزلة الأوصاف أبلغ في المعنى، ولذا قال الزمخشري: وأحسن منه- أي: من تأويل: {نَجِيّاً} بذوي نجوى، أو فوجاً نجياً أي: مناجياً- إنهم تمحضوا تناجياً لاستجماعهم لذلك، وإفاضتهم فيه، بجد واهتمام، كأنهم في أنفسهم صورة التناجي وحقيقته، وكان تناجيهم في تدبير أمرهم على أي: صفة يذهبون، وما يقولون لأبيهم في شأن أخيهم؟ كقوم تعايوا بما دهمهم من الخطب، فاحتاجوا إلى التشاور. انتهى.
لطيفة:
ذكر القاضي عياض في الشفا في بحث إعجاز القرآن: أن أعرابياً سمع رجلاً يقرأ: {فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيّاً} فقال: أشهد أن مخلوقاً لا يقدر على مثل هذا الكلام.
وقال الثعالبي في كتاب الإيجاز والإعجاز في الباب الأول: من أراد أن يعرف جوامع الكلم، ويتنبه لفضل الاختصار، ويحيط ببلاغة الإيماء، ويفطن لكفاية الإيجاز فليتدبر القرآن، وليتأمل علوه على سائر الكلام.
ثم قال: فمن ذلك قوله عز ذكره، في إخوة يوسف: {فَلَمَّا اسْتَيْأَسُواْ مِنْهُ خَلَصُواْ نَجِيّاً} وهذه صفة اعتزالهم جميع الناس وتقليبهم الآراء ظهراً لبطن، وأخذهم في تزوير ما يلقون به أباهم عند عودتهم إليه، وما يوردون عليه من ذكر الحادث. فتضمنت تلك الكلمات القصيرة معاني القصة الطويلة.
وقوله تعالى: {قَالَ كَبِيرُهُمْ} أي: في السن، كما هو المتبادر، وهو فيما يروى، رَؤُبين: {أَلَمْ تَعْلَمُواْ أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُم مَّوْثِقاً مِّنَ اللّهِ} أي: عهداً وثيقاً في رد أخيكم. وإنما جعل منه تعالى لكون الحلف كان باسمه الكريم {وَمِن قَبْلُ} أي: قبل هذا: {مَا فَرَّطتُمْ فِي يُوسُفَ} أي: قصرتم في شأنه و{ما} إما مزيدة، و{من} متعلق بالفعل بعده، والجملة حالية، وإما مصدرية في موضع رفع بالابتداء، و{من قبل} خبره، أو في موضع نصب عطفاً على معمول {تعلموا}. وإما موصولة بالوجهين، أي: قدمتموه في حقه من الخيانة، ولم تحفظوا عهد أبيكم بعد ما قلتم: {وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ} [يوسف: من الآية 11]، و{وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [يوسف: من الآية 63].
{فَلَنْ أَبْرَحَ الأَرْضَ} أي: فلن أفارق أرض مصر: {حَتَّىَ يَأْذَنَ لِي أَبِي} أي: في الرجوع: {أَوْ يَحْكُمَ اللّهُ لِي} أي: بالخروج من مصر، أو بخلاص أخي بسببٍ ما: {وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ} لأنه لا يحكم إلا بالحق والعدل.
ثم أمر كبيرهم أن يخبروا أباهم بما جرى، فقال:

.تفسير الآية رقم (81):

القول في تأويل قوله تعالى: {ارْجِعُواْ إِلَى أَبِيكُمْ فَقُولُواْ يَا أَبَانَا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَمَا شَهِدْنَا إِلاَّ بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ} [81].
{ارْجِعُواْ إِلَى أَبِيكُمْ فَقُولُواْ يَا أَبَانَا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ} أي: نُسبَ إلى سرقة صواع الملك: {وَمَا شَهِدْنَا إِلاَّ بِمَا عَلِمْنَا} أي: ما شهدنا عليه بالسرقة إلا بما تيقناه من إخراج الصواع من رحله.
تنبيه:
استنبط بعضهم من هذا عدم جواز الشهادة على الكتابة بلا علم وتذكر. وكذا من سمع كلمة من وراء حجاب؛ لعدم العلم به- كذا في الإكليل- ولا يخفى أن مثل هذا مما يستأنس به في مواقع الخلاف.
{وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ} أي: وما علمنا أنه سيسرق حين أعطيناك الموثق.

.تفسير الآية رقم (82):

القول في تأويل قوله تعالى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيْرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنَّا لَصَادِقُونَ} [82].
{وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا} يعنون مصر. أي: أرسل إلى أهلها فسلهم عن كنه القصة: {وَالْعِيْرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا} أي: جئنا معها. وكان صحبهم قوم من كنعان: {وَإِنَّا لَصَادِقُونَ} أي: فيما أخبرناك.